المشهد الثالث :
انا جالس و بجواري بندقيتي التي اعتدت ان اصطاد بها اي شيء يطير - الضجر - و لا شيء سواه دفعني لانتهاك الحياة
في يوم ربيعي جميل ! , و على الرغم من جمال هذا اليوم البائس الذي تناثرت به مجموعات من ريش طيور بريئة لا
ذنب لها سوى انها عبرت فوق رأسي , لم ابدي اية رحمة تجاه الحياة التي كانت تعج في المكان .. رائحة الزرع الرطبة
صوت الطيور , و اشعة الشمس الجميلة .
كنت ناضجا نوعا ما على الرغم من سني الصغير فلم اكن تجاوزت الواحدة و العشرين بعد ولكن مع بعض التجارب و المواقف
ووقوفي على المحك في الكثير من الامور جعلني -اعتقد- بأني ناضج ... و لم اكن كذلك .
المشهد الرابع :
حركة غريبة في المكان تؤكد لي عدم انفرادي بالمنزل , فقبل خمسة دقائق كانت حاستي السادسة تشير الى خلو المنزل من الناس
الى ان( ثقلت الاجواء) و هذه العبارة استخدمها دائما عند شعوري بالخطر الذي يهدد وحدتي الجميلة .
ادركت بعد ذلك ان النبيلة موجودة في المنزل ...
النبيلة التي اختفت في الآونة الاخيرة تعود لتلقط ما تبقى لها من حطام
هي في مكان بعيد عن الحديقة التي كنت افترشها اتظاهر بعدم اهتمامي بوجود انسان يعكر طقوس التأمل التي تجدد عقلي
و من المستحيل ان تبعثر الخط الموصول بيني و بين عالمي الهادئ , ولكن ثقل المكان اشبه بكتل من الرصاص تتجمع
على صدري شيئا فشيء ...
المشهد الخامس :
في جانبها ... هي مشغولة ترفض وجود اي انسان يحبط خطتها في الهرب و في الوقت نفسه ... تصلي لعلّ المكان و الزمان يصنعان
معجزة البقاء ... للحفاظ على الامل
هي مشغولة بوجودي ...كانت تتمنى خلو المكان بالكامل حتى تخرج بهدوء كما دخلت قبل ذلك , دخولها الذي كان محملا بالفرح
المنقوص غدرا .
مكان اقامتها يضج بالفوضى ... تناثرت في زواياه بعض الأزياء و بقايا عطور ... و هناك جرة من زمن الزهور المجففة تقبع
خلف احد الابواب الغير موصدة , هي حائرة ... لا تعرف ما تلتقط من هذه الفوضى و ما تترك, لم تعد تميز بين المهم و الاقل اهمية
تريد ان تشكل حقيبة ملابس لتخرج بالشكل التقليدي ... و كان لها ما تريد .
المشهد السادس :
تقف ... تستجمع قواها لتخرج الخروج الاخير , كأنها تقف على جمر ... فلا المح من خيالها سوى جروحها التي كانت على هيئة
سيدة تعالج انسياب دمعتين .. أو اكثر من يدري.
تفتح الباب ... لتجدني واقفا مع بندقية , و هي منحنية مع حقيبة سوداء ... تبتسم ... أبتسم
و أردد خلفها الصمت
مانتوفاني